الحدود الصحية، اهميتها و كيفية الحفاظ عليها

 يولد كل واحد فينا على هذه الارض ومعه حدوده الصحية المتجذرة فيه، لكن و للأسف سرعان ما يفقدها تدريجيا عبر رحلة حياته، وهذا عائد الى عدة عوامل كطريقة تربيته داخل الاسرة، وتعاملاته مع المجتمع وغيرها. 

الحدود الصحية
الحدود الصحية

لكننا سنحاول في هذا المقال التحدث عن معنى هذه الحدود الصحية، وكيفية وضعها، وفي النهاية سنوضح بعض الطرق للمحافظة عليها في المستقبل.

الحدود الصحية

الحدود الصحية هي المساحة الشخصية أو الذاتية للشخص، والتي يمكن اعتبارها مثل الأسوار التي تمنح الانسان الخصوصية وتساعده على الشعور بالأمان. فهي تساعد في تحديد النقطة التي تنتهي فيها حرية شخص ما لتبدأ حرية الآخر.

بمعنى اخر ان تضع حدود لا يعني ان تتحكم في الاخر، في افعاله او افكاره، بل يعني ان تتحكم في نفسك فقط وان تختار افعالك وافكارك داخل حدودك، كما أنك ستكون الشخص الوحيد المسؤول عن حماية هذه الاخيرة من الاختراق.

يجب ان تدرك ايضا ان وضع الحدود الصحية لا يعني الأنانية، بل هو تعبير عن احترام الذات والحرص على العلاقات السليمة. فهي تمنحنا القدرة على قول "لا" عند الحاجة، وتساعدنا على تجنب الاستنزاف العاطفي، مما يجعل حياتنا أكثر هدوءًا ورضا.

 اهمية الحدود الصحية

تكمن اهمية الحدود الصحية في الحفاظ على حياة صحية ومرضية. فهي تساعدك من جهة على إقامة علاقات صحية والحفاظ عليها، ومن جهة اخرى ستساعدك في الحفاظ على خصوصيتك، وتحديد هويتك، وتمييز شخصيتك.

وبمعنى اخر يمكننا القول انه بدون حدود، قد تشعر بالتعب والتوتر، او الاستغلال أو عدم القدرة على إدارة وقتك وطاقتك بفعالية. اما عند وضع حدود واضحة، ستتمكن من تحديد أولوياتك واحتياجاتكو بالتالي معرفة ذاتك بكل وضوح، وحماية وقتك وطاقتك، وخلق توازن صحي و نفسي في الحياة مما سيعزز صحتك النفسية وسعادتك بشكل عام.

وضع الحدود خلال التجارب الحياتية والعلاقات اليومية، يمكنك من حماية حقوقك وتحرير نفسك من الأشكال المختلفة للتلاعب والإساءة، وينعكس ذلك على تعزيز صحتك النفسية بالمرتبة الأولى من خلال احترام ذاتك ومبادئك وعدم السماح للآخرين بتجاوز الحدود معك، وذلك من خلال تعبيرك لهم عما تعتقد أنه مقبول أو غير مقبول بطريقة حازمة وفي نفس الوقت بعيدة عن العدوانية.

مؤشرات تدل على غياب الحدود الصحية

ان الحفاظ على الحدود الصحية يعني تلقائيا الحفاظ على التوازن النفسي والعاطفي، وتجاهلها قد يؤدي إلى مشكلات في العلاقات والحياة اليومية. و هذه بعض المؤشرات المهمة التي يمكن أن تكشف عن افتقاد الشخص لهذه الحدود:
  • الشعور الدائم بالإرهاق العاطفي نتيجة الانغماس في مشاكل الآخرين.
  • صعوبة قول "لا" حتى في المواقف التي تتطلب الرفض.
  • التورط الزائد في حياة الآخرين على حساب حياتك الخاصة.
  • فقدان الإحساس بالخصوصية والمساحة الشخصية.
  • القبول المستمر بسلوكيات غير محترمة أو مؤذية.
ملاحظة: غياب الحدود الصحية لا يعني ضعف الشخصية بالضرورة، لكنه إشارة قوية إلى ضرورة إعادة تقييم أسلوب التعامل مع الذات والآخرين لحماية التوازن النفسي.

خطوات بناء الحدود الصحية

1-الوضوح

ويعني ان تكون واضحا بشأن الحدود التي تضعها انت، وان توضح اولا الاسباب التي تدفعك لوضع هذه الحدود، والاهم ان تكون نابعة من مكان حب وليس من مكان ضعف او خوف فمثلا كان تقول انا اضع هذه الحدود لأنني أحب نفسي واحترمها.

وليس هذا فقط بل على مستوى أعمق يجب ان تؤمن أنك تستحق ان تكون لديك هذه الحدود، وأنك جدير بان تكون لك ملكيتك الخاصة من افكار وافعال وغيرها حتى وان لم تعجب الاخر.

2-التنفيذ

وهو التعبير عن حدودك بوضوح اما بشكل لفضي، كان تقول لشخص فض من فضلك لا تكلمني بهذه الطريقة والا سأنسحب من الاجتماع او الغرفة. او بشكل غير لفضي كان تنسحب من الحوار الذي يحاول الشخص جذبك اليه بطريقة غير مباشرة، كان تغير الموضوع مثلا او ان تجيبه بشكل عام يفهم من خلاله انه لم يعجبك الموضوع.

3-الحفاظ على الحدود الصحية

ويقصد هنا ان تحافظ على حدودك التي رسمتها حتى بعد الاصرار والضغط الذي ستتعرض له من الطرف الاخر حتى يحصل على ما يريده، اي انه يجب عليك انت اولا الالتزام بقراراتك التي اتخذتها وان لا تغيرها تحت اي ضرف وهكذا ستلاحظ ان الشخص الاخر أصبح ايضا مجبرا على احترامها مع الوقت.

نظرتي الشخصية في موضوع الحدود الصحية 
 
 قدرة الانسان على وضع حدوده الصحية هو ما يحدد نسبة نجاحه في الحياة، اي انه لا يوجد انسان على الارض ثري روحيا ونفسيا وماديا له حدود مخترقة، على عكس الانسان الذي يعيش طول حياته حسب قوانين الناس، ورغبات الناس، وافكار الناس، وهنا لن تكون له القدرة على الاتصال برغباته الحقيقية او استشعار ما إذا كان موضوع مناسب له ام لا، لأنه سيكون مخترقا من الاخرين، مما سيشتت ذهنه ويفقده السيطرة على شكل حياته التي يريد عيشها. وهكذا في النهاية يمكننا استنتاج فائدة وضع الحدود الصحية.

خلاصة: في الختام يمكننا القول ان للحدود الشخصية دور أساسي في حماية صحتنا النفسية وبناء علاقات متوازنة قائمة على الاحترام المتبادل. وإدراك قيمتها وتطبيقها بوعي يمنحنا طاقة أكبر وراحة داخلية أعمق. لذا، فإن الحفاظ عليها هو استثمار حقيقي في جودة حياتنا وسعادتنا.
تعليقات