قد تلاحظ ان الكثير من الناس في محيطك يفكرون أكثر من اللازم خصوصا في وقتنا الحالي، والأكثر من هذا هو تحول الموضوع عندهم من تفكير منطقي إلى تفكير زائد مما قد يسبب قلق وتعب نفسي ليس له داعي. كما يمكن ان تمر عليك لحظات تحس فيها أنك سجين لعقلك، وكل قرار بسيط يصبح معركة داخل راسك. وهنا تبدأ دوامة التفكير التي لا تنتهي.
![]() |
التفكير الزائد |
التفكير الزائد لا يسرق وقتك فحسب، بل يسرق راحتك، تركيزك، وحتى سعادتك. والمشكلة ان أغلبنا لا يدرك انه عالق في دوامة التفكير الزائد إلا بعد تأثر نومه، مزاجه، وعلاقاته بالناس. في هذا المقال، سنغوص تدريجيا في عالم التفكير الزائد، سنتعرف على أسبابه، أعراضه، وسنحاول ان نجد له حلول تريح قلبك قبل عقلك.
مفهوم التفكير الزائد
يمكن ان نقول عن التفكير الزائد انه تلك الحالة عندما تبدأ في تحليل كل شيء أكثر من اللازم، وحتى أبسط المواقف تقلبها بعقلك مائة مرة، وهذا يختلف تمامًا عن التفكير العادي الذي يساعدك على اتخاذ قرارات منطقية والتخطيط لحياتك. الفرق بينهما ان التفكير العادي يوصلك لحل، أما التفكير الزائد سيحبسك في الدوامة. حيث تجد نفسك تفكر بالماضي، تخاف من المستقبل، وتتعب نفسياً بدون فائدة. وكل ما زاد التفكير، كل ما قلّ تركيزك وارتبكت حياتك.أسباب التفكير الزائد
كما قلنا سابقا، أصبح الكثير من الناس يعانون من التفكير الزائد من دون معرفة السبب الحقيقي وراء هذه الدوامة التي يتعب فيها العقل والنفس، وهنا يمكن ان نذكر أبرز الأسباب اللتي تؤدي اليه:- القلق المستمر والخوف من المجهول
- صدمات أو تجارب سابقة مازالت مؤثرة على الصحة النفسية للشخص
- قلة الثقة بالنفس والخوف من الخطأ
- الضغوطات اليومية والمقارنات مع الآخرين
- الفراغ الذهني وقلة الانشغال بأشياء مفيدة
- الرغبة في الكمال وتحليل كل شيء بدقة مفرطة
اعراض التفكير الزائد.
التفكير الزائد لا يظهر بدون علامات، فله أعراض واضحة تظهر على الشخص وتبدأ في التأثير على يومه ونفسيته، وهنا أهم الأعراض التي من الممكن ان تنتبه لها:- صعوبة في اتخاذ أبسط القرارات
- أرق وتفكير مستمر قبل النوم
- إعادة تحليل نفس الموقف أكثر من مرة
- شعور بالتعب الذهني والإرهاق بدون مجهود
- قلة التركيز وكثرة الشرود
- لوم النفس على كل تصرف مهما كان بسيط
- تخيّل سيناريوهات سلبية ليس لها اي أساس من الصحة
مخاطر التفكير الزائد
التفكير الزائد لا يؤثر فقط على مزاجك، بل يمكن ان يتعدى هذا ويبدأ في التأثير على صحتك النفسية والجسدية بشكل تدريجي وخطير، وهنا أبرز المخاطر اللتي يسببها:- زيادة القلق والتوتر بشكل يومي
- اضطرابات في النوم وأرق مزمن
- ضعف التركيز وصعوبة في الإنجاز
- مشاكل في الهضم بسبب الضغط النفسي
- صداع متكرر وإرهاق بدني عام
- ارتفاع ضغط الدم مع مرور الوقت
- الشعور المستمر بالإحباط والاكتئاب
طرق فعالة للتخلص من التفكير الزائد
مع الأسف ليس للتفكير الزائد زر لإيقافه، لكنه شيء تستطيع ان تتحكم به بالتدريج، ومع بعض الطرق البسيطة والفعّالة سيمكنك ان تخفف منه، وبالتالي ان تحس بفرق واضح في راحة بالك، من هذه الطرق يمكن ان نذكر:- جرّب تمارين التنفس والتأمل بشكل يومي
- مارس الرياضة حتى لو عشرون دقيقة من المشي يوميا
- اكتُب أفكارك وفضفض على الورق
- قلل من استخدام الهاتف ومواقع التواصل على الانترنيت
- حدد وقت معين للتفكير واحرص على جعله قصير
- اشغل نفسك بأشياء تلامس روحك وتحبها.
- تذكر أنك لست مجبرا على التفكير في كل شيء يدور في هذه الحياة
التفكير الزائد والانتاجية
من اهم سلبيات التفكير الزائد هو سرقة وقتك منك دون ان تدرك، فتجد نفسك تجلس بالساعات تفكر وتحلل، من دون ان تتحرك أو تنجز شي فعلي. وستلاحظ انه كلما كبرت الفكرة في بالك، كلما صعب عليك تنفيذها. وهنا تبدأ انتاجيتك في الانهيار شيئا فشيئا.يربط الكثير من الناس الإنتاجية بكثرة العمل، لكن الحقيقة هي ان صفاء الذهن هومن يلعب الدور الاهم. فعندما يكون عقلك مشغول بألف قصة، سيكون من المستحيل عليك ان تركز على مهمة واحدة. التفكير الزائد سيجعل افكارك تتشتت، وبالتالي ستضيع أولوياتك.
ولكي تعيد السيطرة على إنتاجيتك، لابد ان تبدأ من نفسك، وليس من جدول أعمالك. وقلل من التفكير المفرط، وابدأ بخطوة بسيطة تستطيع ان تخطوها بكل ثقة. لأنه كل ما أنجزت شيء، حتى لوكان بسيط، سوف يساعدك على التخفيف من التفكير الزائد بالتدريج.
خلاصة: وفي النهاية يمكننا ان نقول، ان التفكير الزائد يظل سلاح ذو حدين، يمكن له ان يفيدنا أحيانًا لكنه غالبًا ما يستنزف طاقتنا ويعطل قراراتنا. لذلك يجب ان نتعلم كيف نوقف دوامة الأفكار ونركز على الحاضر. فالحياة أبسط من ان نعقدها بعقولنا. لهذا احرص دوما على البقاء واعيا بأفكارك، واجعل من التفكير وسيلة، وليس عائق لسيرورة حياتك.