لابد أنك لاحظت في السنوات الأخيرة انتشار الحديث حول علم الطاقة، وبدأ الكثيرون يتساءلون عن مدى حقيقته وفاعليته في التأثير على حياة الإنسان. وبين من يعتبره أسلوبًا علاجيًا بديلاً وبين من يراه مجرد وهم لا يستند إلى أساس علمي، أصبح الجدل قائمًا بقوة في الأوساط العلمية والشعبية على حد سواء. فهل علم الطاقة حقيقة علمية أم مجرد خرافة حديثة؟
![]() |
علم الطاقة |
في هذا المقال، سنسلّط الضوء على مفهوم علم الطاقة، ونكشف عن أصوله، كما سنستعرض الأدلة التي يقدمها أنصاره، ونقارنها بالموقف العلمي الحديث، لنصل في النهاية إلى إجابة موضوعية حول ما إذا كان علم الطاقة علمًا حقيقيًا أم زائفًا.
مفهوم علم الطاقة
علم الطاقة هو مصطلح يشير إلى وجود طاقة غير مرئية يُعتقد أنها تحيط بالجسم البشري وتؤثر على صحته الجسدية والنفسية. يرى ممارسو هذا المجال أن هذه الطاقة تتحرك داخل الجسم عبر قنوات خاصة تُعرف بمسارات الطاقة. ويُقال إن أي خلل أو انسداد في هذه المسارات يؤدي إلى اضطرابات نفسية أو جسدية.تعود أصول علم الطاقة إلى الحضارات الشرقية القديمة، مثل الطب الصيني والهندي، هذه الحضارات التي اعتبرت أن الطاقة الحيوية هي جوهر الحياة، ويجب أن تتدفق بانسجام لتحقيق التوازن الداخلي. وقد انتقلت هذه الأفكار لاحقًا إلى الغرب وظهرت في صور مختلفة مثل الريكي والعلاج بالطاقة.
تقوم العلاقة بين الطاقة والجسم البشري في هذا العلم على أن الجسد ليس مجرد مادة، بل يتأثر بمجال طاقي غير مرئي. ويُعتقد أن تحسين هذا المجال من خلال تقنيات التأمل أو العلاج الطاقي يعزز الصحة النفسية ويقلل التوتر. رغم ذلك تبقى هذه العلاقة محل جدل علمي كبير لغياب الإثباتات التجريبية الدقيقة.
الدلائل التي يقدمها المؤيدون لصحة علوم الطاقة
يرى المؤيدون لفكرة علم الطاقة أن لهذا العلم تأثيرات حقيقية وملموسة على حياة الإنسان النفسية والجسدية، ويقدمون عدة دلائل وتجارب يدعمون بها صحة هذا المفهوم. ومن أبرز ما يستندون إليه:- تجارب شخصية لأشخاص شعروا بتحسن نفسي أو جسدي بعد جلسات علاج بالطاقة.
- شعور عام بالهدوء والسلام الداخلي أثناء ممارسة التأمل الطاقي أو تمارين الشاكرات.
- تقارير من ممارسين يؤكدون نتائج إيجابية على مرضاهم رغم غياب تدخل طبي مباشر.
- انتشار ممارسات مثل الريكي والتأمل الطاقي في مراكز صحية بديلة حول العالم.
- إشارات ضمنية من بعض الفلسفات الشرقية القديمة التي اعتبرت الطاقة جزءًا من كيان الإنسان.
لماذا ينظر البعض لعلم الطاقة على انه مجرد علم زائف؟
يرى عدد من العلماء والمفكرين أن علم الطاقة لا يستند إلى أساس علمي حقيقي، بل يصنّفونه ضمن "العلوم الزائفة" لعدة أسباب ومنطلقات منطقية تدعو للتشكيك في مصداقيته، ومن أبرزها:- غياب التجارب العلمية الدقيقة التي تثبت وجود طاقة غير مرئية تؤثر على الجسم.
- عدم وجود تفسير علمي واضح أو أدوات قياس يمكن من خلالها رصد هذه الطاقة.
- ارتباط هذا العلم بممارسات دينية أو روحانية تُصنّف خارج إطار المنهج العلمي.
- استفادة بعض الأشخاص ماديًا من بيع الدورات والعلاجات تحت شعار الطاقة.
- إدراج المفهوم ضمن خانة "العلوم الزائفة" في مراجع علمية وأكاديمية معروفة.
هل يمكن اعتبار علم الطاقة وسيلة داعمة في رحلة التوازن النفسي؟
رغم الجدل حول علم الطاقة، يراه البعض أداة مساندة يمكن أن تساهم في تحسين الحالة النفسية للأشخاص. فممارسات مثل التأمل والتنفس الواعي قد تساعد على تهدئة العقل وتخفيف التوتر. وهذا التأثير النفسي الإيجابي لا يمكن إنكاره عند فئة من الناس.يمكن اعتبار علم الطاقة وسيلة داعمة في رحلة التوازن و السلام الداخلي، شرط ألا يحل محل العلاج الطبي أو النفسي المعتمد. فالشعور بالطمأنينة والسلام أثناء جلسات الطاقة قد يكون ناتجًا عن تأثير نفسي إيجابي وليس بالضرورة طاقة غير مرئية. وهذا التأثير يمكن استغلاله بشكل مفيد.
النظر إلى علم الطاقة كأداة مكملة لا يتعارض مع التفكير العلمي إذا طُبّق بوعي واعتدال. المهم هو ألا تتحول هذه الممارسات إلى بدائل مطلقة عن الرعاية الصحية، بل تُستخدم ضمن إطار داعم لتحسين جودة الحياة وتعزيز الشعور بالراحة النفسية.
خلاصة: في الختام، يظل علم الطاقة موضوعًا مثيرًا للجدل بين من يراه طريقًا للشفاء ومن يعتبره مجرد وهم. وبين التجربة الشخصية والعلم، يبقى الحُكم مرهونًا بدرجة وعي الانسان وقدرته على التمييز بين ما هو حقيقي و ما هو زائف.